هل يمكن أن يصاب الإنسان بصدمة كهربائية من ما وراء عازل؟
نعم و بكل تأكيد, و قد يستخف البعض و يسخر, إلا أن الحقيقة تجيب بالقبول, فلا شك أن أحدنا لم يسمع من أهله نصيحة لا تلمس جهازاً كهربائياً و يداك مبلولتان, دون سؤال عن حوادث تكهرب كثيرة سببها يدٌ مبلولة مدت لتشغيل مصباح كهربائي في منزل ٍ ما, و أنا أحد الذين تعرضوا لذلك مرات عدة في الصغر.
و تعليلي لذلك كالتالي:
إن لكل جسم ٍ بشري - باختلاف الأحجام و الأوزان و اختلاف البشرة بين جافٍ و رطبٍ و تفاوتٍ ما بينهما- مقاومة كهربائية تتراوح بين القابل للتكهرب بشكل كبير القابل بشكل أقل, و الغالب في الأمر و كمثالٍ للتوضيح ليس من الخطورة أن تضغط على زر المصباح الكهربائي و يداك جافتان و لو كنت حافي القدمين على أرض ٍ مجردة من عازلٍ كبساط مثلا ً , و لكن ماذا لو بللت يدك بالماء أو كان جسدك بأكمله مبتلا ً فهل ستجرؤ على لمس زر المصباح.
يا سيدي إن كل جسم بشري – باختلاف مقاومته الكهربائية كما ذكرت- ينتقل من ناقل شبه جيدٍ إلى ناقل ٍ ممتاز بتبليله بالماء, و هاهنا في مثالنا لدينا تيارٌ متناوب AC يجري في ناقل هو القاطعة لدارة المصباح و ناقلٌ أخر هو الجسم البشري المبلل و الموصول بالأرض, و عازلٌ بينهما هو البلاستيك الذي يغطي القاطعة, فناقلان و بينهما عازل, إنها و لا ريب مكثفة ستشحن بالتأثير و سيحس ذاك الشخص المبلل برعشة سببها صدمة كهربائية.
و ماذا عن أسلاك نقل التيار المتناوب ذي التوتر العالي, حيث أنه بالنسبة لهذه التوترات المتعارف عليها كل جسم بشري هو ناقل ممتاز لا بل لأجل لهذه التوترات يتضاءل نطاق العوازل بشكل ملحوظ, كما نعلم أن هذه الأسلاك و بعد انقطاع التيار عنها تبقى مشحونة لعدة ساعات و قاتل مخيف, إنها المكثفة مرة أخرى حيث نواقل وعازل هو الهواء, أما عن الجسم البشري وهذه الأسلاك, فإن و جود شخص متشبث بعامود من المعدن يحمل تلك الأسلاك دون حماية و لا أدوات متخصصين بالقرب من هذا الأسلاك قد يؤدي إلى تعرضه لحادث رهيب لن ينساه إن بقي حياً, أنها المكثفة القاتلة و التي قد تتشكل في هذه الحالة على أبعاد تصل لعدة مترات بين الجسم البشري و الأسلاك و عازلها الهواء, و لا تسأل عن تلك الحوامل لهذه الأسلاك أو عن طرق عزلها عن أعمدتها المعدنية أو أساليب التعامل مع هذه المنشآت لدى العاملين بها, فتلك تقنيات أخرى لا أعرف عنها الكثير في الوقت الحاضر.
و احزر أن تكون جزأ من مكثفة قاتلة.